جريدة وجـــــــــــــــــــــــدة
  خارج الحدود
 

تطوان بين الإسبان والأمريكان

نجد إسبانيا تقتلع (على امتداد قرون) الاطمئنان من قلب تطوان فتسحق بذلك طموحاتها إلى الإزدهار المؤسس على استغلال كل الثغور الملتصقة بها التصاق اللحم بالجلد . خاصة "سبتة" وما تخلل هذا الملف من حيف لم يشهد العالم له مثيلا

   أن يكون التعامل مبنيا على تبادل المصالح المتخذة توجها جديدا لضمان الاستفادة الواسعة من نجاح طرف حقق ما حققه من تقدم  هو تعامل طبيعي إن لم يقارن في أي مرحلة من مراحله بالشك والريبة والاستغلال المقصود.. هو تعامل طبيعي قياسا لما تقتضيه ظروف التطور الفكري لأجناس توحدها النظرة الصائبة لإنسانية البشر القائمة على التضامن والتساكن والتعايش والتعاون لقطع فصول حياة كلما تقدم بها الزمن ازدادت تعقيدا . بالرجوع إلى التاريخ ، نجد تطوان أقرب (إجتماعيا وحضاريا) إلى إسبانيا منها إلى الولايات المتحدة الأمريكية . هذا لا يعني أنها لا تزال تتقاسم والجارة الأيبيرية نفس المعيار ونحن نتحدث عن أي نوع من الاستفادة والمشروعة بين الطرفين . فحينما نجد إسبانيا تقتلع (على امتداد قرون) الاطمئنان من قلب تطوان  فتسحق بذلك طموحاتها إلى الازدهار المؤسس على استغلال كل الثغور الملتصقة بها التصاق اللحم بالجلد ، وخاصة "سبتة"، وما تخلل هذا الملف من حيف لم يشهد العالم مثيلا له . . وحينما نجد الدولة الأيبيرية وهي تعايش بعد " فرانكو"أسلوبا تدبيريا مغايرا تماما تبني به معالم مصالحها الذاتية دون التفكير في إرجاع الحقوق المشروعة لأصحابها الشرعيين الذين نزعوا استقلالهم من التسلط الإسباني  بالتضحيات الجسام التي لا زالت الذاكرة المغربية محتفظة بكل تفاصيلها . وحينما يتجه بلد " سرفانطيس" و " كبدرون دي لا باركا" إلى الاكتفاء بما تبسطه حكومة " شابيز" على المسماة عندهم " شقيقة غرناطة الصغرى" ، كفسح المجال لترميم بعض الدور داخل المدينة العتيقة لتطوان زمان ، أو فتح المجال للتحاور بالحضور المكرر لقلة من مواطني شمال الوطن ، المحسوبين على رؤوس الأنامل، دون سواهم، مشخصة في بعض الأسماء المعروفة المتطوعة لخدمة محاسن سياسة إسبانيا الديمقراطية  ورؤاها، مهما كان المجال المعني سياحيا أو إعلاميا أو تجاريا صرفا . حينما نلاحظ تلك المحاور الأساسية وغيرها كثير ، نتيقن أن " اللوبي " الإسباني المشكل من تلك القلة المذكورة لم يستطع الصمود حيال ما كشف عنه الزمن لتبدو نهايات منطقية لمجمل الأمور التي كان مفروضا أن تشكل الاستفادة الطبيعية لتعامل متواصل . وهذا يضع حدا لأي إستراتيجية تسهل تمكين الثقة لتهيمن من جديد على تطلعات كلتا الطرفين ، إن كنا قادرين على التعبير بما خلص إليه تحليلنا البعيد عن الحشو أو المزايدة على عنصر دون سواه ، والقريب عما تلزمنا به قناعة الحياد في مثل هذه القضايا الحساسة والهامة دون الانجراف خلف عاطفة لا تجدي نفعا ولا تخدم مصلحة  حتى الذاتية منها  النهايات المنطقية المشار إليها لم تتوطد عن تلقائية أو صدفة ، وإنما هي نتائج أدركتها الوضعية الحالية بعد سلسلة من الاعتبارات ، كان أولها إهمال جيل ما بعد الاستقلال  اللغة الإسبانية إهمالا استغلته الفرنسية للزحف في اجتياح قوي صوب تطوان ، معقل الثقافة الأسبانية إبان مرحلة الاستعمار، لتحقق الفرنسية بما سبقها من مظاهر دعائية تقبلها من طرف طلبة الثانويان باختيارهم لها كمادة أساسية يربطونها وحلمهم المستقبلي مع الوظائف التي توصلهم إليها تخصصاتهم الدراسية بها . وقع هذا والسلطات العمومية الأسبانية لا زالت لها عيون وآذان داخل تطوان ، فاختارت التخلي عن لغتها بتخليها مكرهة عن شمال المغرب ، فكان آخر فوج كون تكويا قويا باللغة الإسبانية ،  ذاك الفوج الذي عرفته  جابر بين حيان (كما تسمى حاليا)، هذه المؤسسة التعليمية الهامة التي كان يديرها الأستاذ محمد الخطيب ، وكان جل أساتذتها من الأسبان باستثناء محمد الصوردو رحمه الله ، ومحمد المرابط الكاتب العام المحلي لنقابة الإتحاد المغربي للشغل في تطوان .. الأول كان يدرس اللغة العربية نحوا وأدبا ، والثاني الفلسفة ، بعد عودته مباشرة من الديار المصرية ، طبعا جلبت المؤسسة ،بعد رحيل الإسبان ،  الأساتذة من مصر والجزائر قبل إدماجها كليا في النظام التعليمي الرسمي للمغرب المستقل . ما نراه من مؤسسات تعليمية متواضعة تابعة في جوهرها إلى مناهج إسبانية رسمية إنما إبقاء إعلان خافت عن مرور تلك الدولة بهذه الديار. محاولة رفض فكرة التملص من ربط أسباب لتواصل يتمخض  عنه تعاون إيجابي يتابع ويساهم في تحريك عجلة النماء الفكري والتطور الحضاري المبني على توجهات المغرب ورغبته الأكيدة في التقدم تبقى محاولة  مبهمة ولا تنجلي إلا برغبة إسبانيا استثمارها  كلما فكرت  في تمرير مطلب ترسخ بواسطته رؤاها الإستراتيجية البعيدة صراحة عن مصالح المغرب الراهنة جملة وتفصيلا . وثمة الكثير مما يمكن قوله لو كان موضوعنا يهتم بهذه النقطة نفسها.و أيضا هناك التذمر الدفين الآخذ في الإتساع  والانتشار والمغاربة يعانون الويلات يوميا وهم يتجهون إلى "سبتة" أو عائدون منها .. التذمر من هؤلاء الذين اعتقدوا أن إذلالهم لمن أرغم على بحث قوته بتعاطيه تلك الحرفة المشينة "التهريب" سيحميهم مستقبلا مما سيقع آجلا أو عاجلا بعودة  سبتة " إلى أصحابها الشرعيين . ثم النظرة الضيقة التي اعتمدتها إسبانيا الرسمية وهي تخطط لتعاملها الاقتصادي مع " تطوان" خاصة ، ذاك التخطيط الذي شكل عن قصد ، الزاوية التي أرادت بها استغلال تطوان استغلالا يبقيها في منآي عن مطالبة أو تحريك سكانها نحو تحرير شقيقتها سبتة ، ما دامت هذه الأخيرة بوضعها الحالي صاحبة نعم أو حل أمثل لمن أراد ربح قوته من شباب يكبر مع الضياع لتتلقفه كمبتاعة لمن لطهارة عرقه باع . ثم الطامة الكبرى حينما أيدت في السابق حكومة " ازنار" أطروحة المرتزقة وإسبانيا الإسبانيين تعلم كما يعلمون أن الصحراء الغربية مغربية ولن تكون إلا مغربية أحب من أحب و كره من كره . كل هذا له علاقة بتطوان ما دامت اقرب لإسبانيا بحكم الراسخ من الأسباب ، له علاقة باللوبي الذي ظل مدافعا عن ذاك البلد الذي غيبته مصالحه عن الأخذ بعين الاعتبار كل ما من شأنه مصافحة الأيادي الممتدة نحوه من الضفة الجنوبية للمتوسط المقابلة للجزيرة الخضراء .. مصافحة انسجام مع الحق والعدالة والنماء والتخطيط المشترك لفائدة الشعبين المغربي والإسباني الناشدين معا التطور في ظل الاستقرار والسلام

              يتبع                                              مصطفى منيغ

 

 
  Aujourd'hui sont déjà 19509 visiteurs (29022 hits) Ici!  
 
---------- Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement